الرغبة في الزواج من أجل الإشباع العاطفي والجنسي حلال أم حرام ؟

الرغبة في الزواج من أجل الإشباع العاطفي والجنسي حلال أم حرام ؟

السؤال
أعاني كثيراً من الرغبة في الزواج من أجل إشباع الرغبة والجنس، وأعتذر عن هذه الكلمة ولكني أعاني منها بكثرة، وأنا الحمد لله أصلي وأصوم ولا أفعل المنكر، ولكني في أغلب الأوضاع أعاني رغبة في الجنس، وتأتيني نزوات لمشاهدة أفلام إباحية ولكني سرعان ما أتذكر الحساب وأن هذا ممنوع



أرجو المساعدة أرجوكم





الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دلال حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد


فإن الرغبة والميل إلى الزواج وإلى المعاشرة الزوجية هي رغبة فطرية قد جبل عليها الإنسان بحسب فطرته، فالمرأة لديها هذه الفطرة وهذه الرغبة وكذلك الرجل سواءً بسواء، وهذا أمر ليس بالمستقبح ولا هو بالمستغرب، بل هو أمر كما أشرنا فطري مركوز في جبلة الإنسان السليم الطبع، وأيضاً فإن الإنسان في هذا الباب ضعيف له افتقار شديد إلى الزواج وإلى إشباع رغباته الإنسانية بهذا الطريق المشروع، ولما ذكر جل وعلا بعض أحكام الزواج عقب بقوله تعالى
(( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ))[النساء:28]، فأخبر تعالى بضعف الإنسان وأنه خلق خلقاً ضعيفاً لا يتماسك لا سيما في باب المعاشرة الزوجية

إذن: فالميل والرغبة في إشباع الحاجة الإنسانية بالزواج ليس أمراً مذموماً، إلا أنك قد أشرت إلى رغبة شديدة أوصلتك إلى حد المعاناة، فهذا يدل على أنك فتاة ميَّالة إلى الحنان وإلى المودة الصادقة، فأنت لا تريدين فقط الناحية الجنسية وإنما أيضاً تريدين السكون النفسي والحنان الصادق والمودة الدافئة بالزوج الصالح؛ فكل ذلك يشعرك بشدة افتقارك إلى هذا الأمر، غير أننا أيضاً نود أن تلتفتي التفاتاً قويّاً إلى الأسباب التي تقوي هذا الشعور في نفسك، فأنت بحمد الله تعالى قد أشرت إلى أنك محافظة على صلاتك وصومك بعيدة عن المنكر وهذه بحمد الله صفات جليلة عظيمة القدر، ولكن لابد من الإضافة إليها رعاية غض البصر قدر الاستطاعة ورعاية تجنب الاختلاط قدر الاستطاعة؛ فإن الاختلاط ولو كان في المحيط الدراسي له أثر بالغ الضرر في هذا المعنى، ولذلك كان من حكمة الشرع الكامل أن حرم الاختلاط، فها أنت ترين بعينيك مدى المعاناة الشديدة من هذا الأمر هذا مع عفتك وصيانتك ومحافظتك




وأما عن شعورك برغبة في بعض الأحيان بمشاهدة الأفلام الإباحية فإننا سنذكر لك كلمة واحدة قبل أن نذكر أي كلمة.. الله العظيم!.. نعم إنه الله الذي يراك في جميع أحوالك في سرك وجهرك وهو الذي سيراك عندما تكونين في مثل هذه الحال التي تشاهدين فيها بعينيك الفاحشة الغليظة المنتنة والله مطلع عليك بصير بك وروحك في قبضته قادر على أن ينتزعها فتموتين على هذه الحالة
فهل يأمن المؤمن على نفسه هجمة الموت؟! وبغتة القبر! والوقوف بين يدي الجبار! وسوء الخاتمة.. إذن فليكن دوماً أمام عينيك مراقبة الله، فإذا شعرت بهذه الخواطر فافزعي إلى الوضوء والصلاة إن أمكنك ذلك أو فارفعي يديك متضرعة (( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ))[طه:25-26]
(يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين)
(( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))[الأنبياء:83]
(( لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ))[الأنبياء:87]
( اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي )
فعليك باللجوء إلى الله تعالى والاحتماء بحماه والاستعانة به والتوكل عليه.. فهذا هو سبيلك وهذا هو زادك، والحذر الحذر، فإياك أن يراك ربك في موضع تستحي منه الملائكة الكرام البررة، وتذكري قول الله تعالى: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3]


وأيضاً فلابد من الحرص الكامل على إشغال نفسك بالحق لئلا تشتغل بالباطل، فاحذري أوقات الفراغ واجعليها أوقاتاً عامرة بذكر الله (( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ))[الرعد:28]، واجعليها أوقاتاً عامرة بالأعمال الصالحة النافعة في الدين والدنيا، فهنالك حفظ سور من كتاب الله تعالى، وهنالك الاستماع إلى المحاضرات الإسلامية النافعة، والمشاركة في الدعوة إلى الله تعالى، وهنالك أيضاً هموم الأمة التي تتعرض للبلاء العظيم والمحن المتتالية، فكوني أنت الفتاة المؤمنة التي تحمل هم أمتها والتي تكون مثالاً للفتاة الصالحة المحافظة على عرضها ودينها وأخلاقها
وأيضاً: فالزمي صحبة الصالحات واجعلي لك بهنَّ العلاقة الوطيدة وشاركيهنَّ في الأعمال الصالحة النافعة، وتوكلي على الله واصبري فإن فرج الله قريب، وقد قال نبيك الحبيب صلوات الله وسلامه عليه: ( واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً ). وأيضاً فعليك بالانتباه إلى الأفكار والخطرات التي ترد على قلبك فانتبهي لها وتيقظي واحذري الاسترسال في الأفكار التي تتعلق بالرغبة في المعاشرة لا سيما فيما يتعلق بالأخيلة ورسم الصورة في الذهن في الخيال، فتفطني لذلك واقطعي على الشيطان حبائله وخطواته واعتصمي بربك الذي يقول: (( وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[آل عمران:101] 
ولا ننسى أن نذكرك باغتنام فرصة الزواج إذا تقدم إليك من يطلب يدك، كما لا يخفى عليك أنه لضمان حياة مستقرة هانئة فلابد من ملاحظة صفتي التمسك بالدين والخلق في زوج المستقبل، والنقص في إحدى الصفتين يسبب خللاً عظيما في العلاقة الزوجية فيما بعد

ونسأل الله عز وجل لك يقيناً راسخاً، وإيماناً كاملاً، وزوجاً صالحاً، وفرجاً قريباً
وبالله التوفيق


TAG